الصفات العشر للقادة الناجحين

جرت خلال العقود الأخيرة دراسات عديدة عن القيادة وصفات القادة وأساليبهم وطرق عملهم وأسباب نجاحهم، وهو مجال يهم الكثيرين من رجال الأعمال والقادة السياسيون ومن يدرسون إدارة الأعمال والمستثمرين بشكل خاص. سنقوم في هذه المقالة بتلخيص بحث قامت به الباحثة ساره سيمبسون عن صفات القادة وتوصلت من خلاله إلى عشر صفات يتحلى بها القادة الناجحون. ورغم أن هذه الصفات قد لا تتواجد كلها في جميع القادة لكن وجود بعضها أو معظمها في أحدهم بدرجات مختلفة لابد أن يكون من عوامل نجاحه في مجال القيادة.

1- القائد يتصرف بشكل تأكيدي Assertive

ويعني أن القائد يتصرف بشكل واضح وفيه احترام لنفسه وللطرف الآخر، وهو يختلف عن التصرف بعدوانية بكونه يظهر الاحترام للطرف الآخر، بينما التصرف العدواني ليس فيه احترام للطرف الآخر أو لعواطفه أو رغباته ورأيه. تكمن أهمية التصرف بشكل تأكيدي في أنها تزيد من احترام الذات والثقة بالنفس وتجعل القائد قادرا على التعبير عن نفسه بوضوح وإيجابية وتساعد على إقامة علاقات واضحة ومريحة مع الآخرين وتجعل الآخرين يفهمون ما يريده القائد بدون أن يشعروا بإهانة ولا انتقاص من حقوقهم. ويمكن أن يتجلى السلوك التأكيدي للقائد من خلال كلامه ولغة الجسد التي يستخدمها وسلوكه في بيئة العمل، حيث نجد مثلا أن كلام القادة تكون:

أما بالنسبة لتصرفات القادة في بيئة العمل فهم:

2- القادة يمتلكون قدرات اتصال عالية

غالبا ما يكون الاتصال لفظيا أو كتابيا، ويتحلى القادة عادة بقدرات عالية على الاتصال اللفظي تتصف بما يلي:

وبالنسبة للاتصال الكتابي فإن القادة عادة ما يكون لديهم أسلوب جيد في الكتابة يتصف بأنه:

وبالنسبة لاستخدام القادة للمفردات فإنهم:

وبالنسبة للمحتوى فإن القادة يراعون دائما أن يكون ما يكتبونه منطقي ومتوازن ومناسب لمستوى القارئ لكي يفهمه بشكل جيد ويهتمون طبعا بإظهار الاحترام واللباقة في أسلوبهم الكتابي.

3- القادة يتعلمون بشكل تأملي (نقدي)

التعلم بشكل تأملي وانتقادي يعني أن القائد يفكر بما يقوم به من خلال ثلاث أسئلة:

وهذا يعني أن القادة يقومون بتحليل الفرضيات والأعمال والنتائج بشكل مستمر لتجنب الأخطاء وتحسين النتائج باستمرار أو حتى تعديل الفرضيات الأساسية التي أدت إلى القيام بأعمال معينة نتج عنها نتائج غير مرضية. وبذلك تصبح الأعمال التي يقوم بها القادة عبارة عن تجارب يتعلمون من خلالها طرقا جديدة ومبتكرة لتحقيق أفضل النتائج باستمرار.

4- القادة يعطون ويتلقون التغذية الراجعة Feedback

التغذية الراجعة تعني تقديم معلومات عن أعمال معينة تم تنفيذها، وهذه العملية مهمة جدا بالنسبة للقادة لأنها:

وبالنسبة للقادة فإن عملية التغذية الراجعة يجب أن تكون من الطرفين وليس من طرف واحد فقط (يعني القائد يعطي تغذية راجعة للأفراد ويتلقى منهم تغذية راجعة أيضا)، وهي من أهم عوامل تحسين الأداء وتجنب الأخطاء في المستقبل.

5- القادة يفكرون بالمستقبل ويضعون الخطط الاستراتيجية

يقصد بالتفكير الاستراتيجي العملية التي يتم بموجبها وضع الخطط المستقبلية لتحديد الاتجاه المستقبلي وعادة ما تكون ما بين 3 إلى 5 سنوات حيث يتم من خلالها اتخاذ القرارات من أجل تحديد طرق تخصيص الموارد للعمليات والإدارات في المؤسسة. يستخدم القادة عدة طرق لتحليل الوضع منها مثلا ما يسمى بتحليل سوات SWOT analysis الذي يشمل تحليل ما يلي:

وبعدها يقوم القادة بتحديد الرؤية الاستراتيجية التي تكون عبارة عن:

6- القادة يطبقون قاعدة “اعرف نفسك”

يدرك القادة أن معرفة النفس لها فوائد عديدة منها:

وضمن هذا السياق يهتم القادة بما يسمى بالذكاء العاطفي ويقصد به القدرة على فهم وتحديد وتقييم والتحكم بالعواطف ويشمل عنصرين من عناصر الذكاء هما فهم النفس وفهم الآخرين. يستخدم القادة الذكاء العاطفي لفهم:

ويستخدم القادة هذا النوع من الذكاء من أجل توظيف الأفراد في أعمال معينة وتطوير المدراء والقادة وفهم العلاقات مع العملاء وخدمتهم والتخطيط للموارد البشرية.

7- يعمل القادة على فهم فريقهم

فوائد فهم الفريق بالنسبة للقادة تشمل:

8- كيف يتولى القادة إدارة أداء الفريق؟

أحد أهم الأدوار التي يجب على القادة النجاح بها هو إدارة فريق (أو فرق) العمل التابع لهم، وأهم الأعمال التي يقوم بها القادة لإدارة الفريق بنجاح هي:

وتعتبر هذه الأعمال حيوية لضمان نجاح الفريق في عمله وسيؤدي حصول أي خلل أو ضعف في أحدها أو بعضها حتما إلى ضعف أداء الفريق أو فشله في تحقيق أهدافه.

9- القادة يحددون الرؤية المستقبلية Visionوالاتجاه

لابد أن يمتلك القادة رؤية واضحة لكيفية تحقيق الأهداف المستقبلية، وهم مسؤولون عن تحديد وشرح خريطة الطريق التي يجب على الفريق أن يتبعها ضمن زمن محدد وضمن ضوابط معينة حتى يتمكنوا من تحقيق أهدافهم المشتركة. هذه الأمور لا يمكن أن تتحقق إلا إذا كان القائد يعرف:

ويجب على القائد لكي ينجح في ذلك أن يكون ماهرا في التحفيز والإلهام والاتصال مع الآخرين لتوضيح الخطط المعقدة التي يجب اتباعها خطوة خطوة حتى يتم تحقيق الأهداف النهائية. ولكن كيف يرتب القائد الأمور حتى يحقق هذه النتائج؟

يقوم القادة باتباع نموذج عمل يتألف من سبع خطوات لتحقيق أهدافهم هي:

وبالنسبة للطريقة التي يعالج بها القادة شؤون التخطيط الداخلي ضمن مؤسسات عملهم (أو شركاتهم)، يمكننا تحديد ست خطوات يتبعونها لتحقيق ذلك هي:

وفي جميع الأحوال، مهما كانت الطرق والدراسات التي يجريها القادة متنوعة أو معقدة، يجب عليهم جميعا الالتزام دائما بتحديد رؤية مستقبلية واضحة والاتجاه الصحيح لتحقيق أهدافهم.

10- أسلوب القيادة التحويلية Transformational Leadership

القيادة التحويلية تعني أن القائد يقوم بأعمال تتجاوز إدارة العمليات اليومية لأنه يركز على بناء الفريق والتعاون بين أعضائه وتحفيزهم، وبناء على ذلك فإن تحديد الهدف وفرص النمو ترفع مستويات الأداء والرؤية المستقبلية الواضحة تدفع الأفراد إلى التطور وتحقيق الأهداف. مفهوم القيادة التحويلية يفترض أن:

وبذلك فإن معنى القيادة التحويلية يختلف عن معنى القيادة القائمة على الصفقات Transactional Leadership التي تركز على إدارة شؤون العمليات اليومية وتعمل على ضمان كون الأفراد أو الموظفين يؤدون أعمالهم مقابل مكافآت يتلقونها (صفقات تتم بين القادة والأفراد).

وهناك عدة نماذج للقيادة التحويلية يتبعها القادة يمكننا أن نستعرض منها نموذج بينيس ونانوس Bennis & Nanus.

استنتج الباحثان بينيس ونانوس أربعة أنواع للاستراتيجية التي يستخدمها القادة لإجراء تغيرات تحويلية هي:

ويحدد بينيس ونانوس الفرق بين الإدارة والقيادة بالقول بأن “الإدارة تقوم بالترتيب وفعل الأشياء بشكل صحيح، لكن القيادة تطلق عنان الطاقة وتحدد الرؤية المستقبلية بحيث ترى الأشياء الصحيحة”.

ويلخص الباحثان بينيس ونانوس الطبيعة التحويلية للقيادة بأربع نقاط هي:

وهناك طبعا نماذج أخرى لدراسة القيادة التحويلية ربما تكون أهم النقاط المشتركة بينها هي التركيز على قدرات وأعمال القادة في مجال التغيير والأساليب التي يتبعونها لذلك.

هذه هي الصفات العشر للقادة التي تقدمها الباحثة ساره سيمبسون باختصار، ولا تزال الأبحاث مستمرة للكشف عن المزيد من صفات القادة وخصائصهم النفسية والفكرية والعملية من قبل الكثير من العلماء. وهناك الكثير من الدراسات المختلفة في هذا المجال تجري حاليا ربما يكون أهمها مجال دراسة القادة الناجحون في مجال التكنولوجيا لأن العقود الأخيرة شهدت بروز شخصيات عديدة مؤثرة في مجال التكنولوجيا ولا شك أن هناك خصائص معينة يتحلى بها القادة البارزون في هذا المجال الذي يختلف عن مجال السياسة والتجارة.

الكاتب: د. محمد ماهر الجراح

أبوظبي، 24/3/23