المؤلف: د. محمد ماهر الجراح
نشأ مجال البحث في القيادة تقريبا في أواسط القرن العشرين وصرنا نسمع عبارات تصف بعض المشاهير بأنهم “ذوي شخصية قيادية متميزة” و “يمتلكون كاريزما القيادة” و “أسلوبهم القيادي هو سبب نجاحهم”. والعديد من المثقفين والمدراء والطامحين إلى النجاح في مجال معين أصبحوا مهتمين بمعرفة معنى القيادة وخصائصها وصفات القادة وأساليب عملهم لكي يحاولوا تقليدهم أو التعلم منهم للنجاح في مجال عملهم. بالنسبة للمدراء، أصبحت مسألة دراسة القيادة ومعانيها من الأساسيات للنجاح في مجال عملهم وخاصة المدراء ذوي المناصب الإدارية المتوسطة والعليا، وبات الجهل بموضوع القيادة من العناصر التي تضعف إمكانيات المدير وتعيق نجاحه المهني. سنعرض في هذا المقال بعض أهم نظريات القيادة ونبين عناصرها وأهميتها لكي نوضح فوائدها لكم.
يمكننا تقسيم النظريات المتعلقة بالقيادة عموما إلى قسمين لتسهيل فهمها ودراستها:
• النزاهة والتماسك
ورغم وجود العديد من الاستثناءات وعدم امتلاك مجموعة كبيرة من القادة المعروفين في المجال العسكري والسياسي والديني والاجتماعي بعض هذه الصفات لكن هذه النظريات اعتمدت على النظرة الكلية الشمولية لاستخلاص هذه الصفات وليس على الاستثناءات لأن هذه الصفات عموما تعتبر من أهم عوامل نجاح القادة.
إحدى أهم النظريات التي طرحها الباحث جون أدير في عام 1973 هي نظرية القيادة المتمحورة حول العمل Action Centered Leadership Theory، ويمكن تلخيصها بالقول أن هناك ثلاث عناصر مكونة للقيادة هي: المهمة والفريق والفرد، ومهمة القائد هي ضمان حدوث واستمرارية التوازن بينها. المهمة (أو تحقيق الهدف) هي العنصر الأول من هذه العناصر وهي أساس وجود الفريق وعمل الأفراد والقادة، ولذلك يجب أن تكون معرفة ومحددة منذ البداية من قبل القائد وأن يقتنع بأهميتها كل من القائد والأفراد حتى يتم العمل على تحقيقها. الفريق هو العنصر الثاني ويتم تشكيله والإشراف عليه وقيادته من قبل القائد لأنه من الصعب أو المستحيل أن يتم تحقيق الهدف بالعمل الفردي، وتعتبر قيادة الفريق من أهم الأعمال التي يجب على القادة التفوق فيها فعليا حتى ينجحوا في عملهم. أما بالنسبة للعنصر الثالث وهو الأفراد فجميعنا يعرف أن الاعتناء بالأفراد وتلبية احتياجاتهم الفردية وتحفيزهم هي أهم العوامل التي تجعلهم ينجحون في عملهم.
وهناك أيضا نظرية هرسي وبلانكارد الظرفية للقيادة Hersey-BlachardSituational Leadership Theory وهي تركز على فكرة أنه يجب على القادة أن يغيروا من أسلوب قيادتهم حسب الأفراد الذين يقودونهم والظروف المحيطة بالهدف الذي ينوون تحقيقه. وحسب مبدأ هذه النظرية فإن قدرة القائد على التأقلم بسرعة مع خصائص أتباعه والظروف المحيطة بالهدف واتباع الأسلوب الأنسب للقيادة هي ما يجعله قائدا ناجحا ويمكنه من تحقيق الهدف وبذلك يستفيد الجميع من أسلوبه القيادي.
أما نظرية التبادل بين القائد والأعضاء Leader-member Exchange Theory فهي تركز على دراسة وفهم العلاقات التي بين القائد والأعضاء خلال عملهم على تحقيق هدف معين. ومن خلال هذه النظرية حاول العلماء دراسة إحدى أهم عناصر النجاح في العلاقات بين القائد والأفراد وهو أهمية عدم حدوث تحيز أو تمييز من قبل القائد تجاه أو ضد أحد أو بعض الأعضاء وهي مسألة صعبة التحقيق نظرا لكون القائد معرض لتأثير العواطف مثل غيره من البشر. وهذا يعني باختصار أننا كبشر لا يمكننا أن نتعامل مع الآخرين بنفس المقدار من العدالة والحب والعواطف والتمييز بين الناس يحصل في جميع الظروف والعلاقات، ولكن هذا التمييز والاختلاف قد يؤدي إلى فشل القائد في قيادته لأتباعه لأنه سيولد ردة فعل سلبية تجاهه من قبل بعض أو معظم الأتباع مما يضعف علاقته بهم وبالتالي فإن أداء الأتباع لمهامهم سيتأثر سلبا وهذا ما سيعيق تحقيق الهدف.
أما بالنسبة للكيفية التي يستمد بها القادة سلطتهم على أتباعهم، فقد طرح فرينش وريفن نظريتهما French & Raven’s Five Forms of Powerالمفيدة في هذا المجال والتي توضح كيف يستمد القادة سلطتهم على أتباعهم من خلال خمس عناصر هي:
النظريات والدراسات التي لخصناها في هذا المقال تساعدنا على فهم القيادة بشكل معمق لأنها تطرح بعض أشهر النظريات والدراسات التي قام بها الباحثون في هذا المجال لكي نستفيد منها. ولا يزال ميدان البحث في مجال القيادة وشخصيات القادة وتأثيرهم وصفاتهم مفتوحا للبحث أما العديد من الباحثين الذين يحاولون دائما دراسته من وجهات نظر مختلفة لأن القيادة تعتبر فنا أكثر من كونها علما، والمجالات الفنية تتميز بأنها تتدخل مع الصفات الشخصية للبشر فتعطي مزيجا لا نهائيا من الأساليب القيادية التي تتنوع باختلاف شخصيات القادة والظروف التي يعملون بها وأهدافهم التي يسعون لتحقيقها.
تعليقان
تنبيه: الصفات العشر للقادة الناجحين - الشبكة الإخبارية الأولي
تنبيه: - الشبكة الإخبارية الأولي